الأربعاء، 21 يناير 2009

الزيارة



في سنة من السنين, و في شهر من الشهور و بالتحديد في يوم من الايام .. زار انسان طبيب نفسي. و في عيادة الطبيب دار الحوار التالي:
" تخيل ما يحدث الان... المريض ممدد امام الطبيب بعد ان طلب منة تقليل الاضاءة اول ما دخل و الطبيب ينظر في بعض اوراق لا يرى المريض"
الطبيب: اريد منك الان السترخاء الشديد و محاولة تذكر كل شئ حتى لو كان صغير و اعلم ان كل ما سوف تقولة لن يخرج من هذه الغرفة ابدا. لنبدأ الان.. ما هي المشك لة التي تواجهك؟
- المريض: ليس عندي اي مشكلة.
- الطبيب: فلماذا جئت اذا؟
- بناء على نصيحة قالها لي من حولي.
- اذن بعض الناس ترى فيك اشياء لا تراها انت في نفسك؟
- بل ارى كل ما يراه الناس و اعرف لماذا نصحوني ان اتي الى هنا.
- و لماذا نصحوك اذا؟
- بعض الناس تريدك ان تكون مثلها في كل شئ: في طباعك و تصرفاتك, اذا تكلمت فالتتكلم مع من يحبوا ولتبتعد عمن يبغضوا, ولتضحك في وجههم و وجة من يحبوا حتى لو كنت تبخل عليهم و لو بنظرة غضب ولتعبس في وجه احبائك و اعز الناس لديك.
- هذه طبيعة البشر, فما الجديد اذا؟ ما الجديد الذي جعلك تستمع لنصيحتهم و تأتي الى هنا؟
- لقد اتيت هنا كمحاولة لفهم كيفية التعامل مع هؤلاء الناس. انا اعرف عن نفسي اني انسان خجول, حساس, محب للناس على الرغم من عدم حبهم لي مع اني لا اشكو الى احد اي شئ و لا اقوم بنقل اي كلام من شخص الى اخر.
- هذه صورتك كما تراها انت فماذا عن صورتك كما تراها في عيون الناس؟
- انسان خفيف الظل محب للضحك و الفكاهه و من الممكن ان يكون غريب الطوار في بعض الاحيان.
- اذا كانت هذه صورتك كما يراها الناس فلابد ان تكون انسان محبوب فلماذا تقول ان النس لا تحبك؟
- هذا سؤال غريب من طبيب نفسي, اغلب الناس تنظر اليك بوجه غير وجهها.. تبتسم لك في حين انها لو اتيحت لها الفرصة لخنقتك.
- اذا فأنت مصاب بالشك في كل من حولك؟
- لست كذلك بدليل اني اتعامل مع كل الناس ببساطة و لا اخشاهم او احاول الابتعاد عنهم.
- و لكنك ذكرت منذ قليل انك لا تشكو لاحد اي شئ. ألا تثق بأحد ابدا؟ ألم تجد انسان قريب منك تفتح له قلبك؟
- انا لا اشكوا لأحد لاني اخاف على الناس من ان ازيد همومهم, لا اريد ان يشفق علي احد او يستمع لي في حين انه لا يسمعني لا لكي يرضيني فقط.
- انت انسان حساس جدا.
- ربما و لكني اراك مثل هؤلاء الناس.
- ماذا تقصد بكلامك؟ انا لا افهمك.
-انت ايضا تستمع الي بعقلك و ليس بقلبك, تتعامل معي كحالة تصادفها كل يوم عشرات المرات و لا الومك على ذلك فالطب النفسي من اصعب المهن حيث انك تتعامل مع اناس من بيئات و ثقافات مختلفة.. كل شخص لة تفكيرة و له وجهة نظرة التي يدافع عنها و لو تأثرت بكل حالة تصادفها فأنت في سبيلك الى المرض الذي تعالج الناس منة...هل لي ان اسألك كيف ترى كلامي؟
- الطبيب: ارى ان كلامك منطقي.. و لكن في بعض الاحيان قد يحتاج الشخص الى احد يتكلم معه, يسمع له, يساعده الى الضحك احيانا, و الى البكاء احيانا اخرى.. الم تشعر بحاجتك الى هذا الشخص ابدا؟
- مثل من تقصد؟
- اناس قريبون منك مثلا؟
- بل على العكس تماما.. فأنت تخجل من ان تقص علي عزيز لديك همومك خشية ان تصيبة بألم, و لكن تخيل اذا جلست في مكان مظلظ تتحدث الى شخص لا تعرفة من قبل .. ستجد نفسك تتكلم معة بحرية لانه لا يعرفك لا يراك و لأنك لا يهمك من هو, انه ما هو الا الة لاستخراج ما بداخلك و القاؤه بعيدا و ستشعر بعد مفارقتة انة اخذ معه الامك و احزانك لكي تتحمل ما بعد ذلك من هموم منتظرة دورها.
- كلامك غريب و تعبيراتك اغرب. قلت لي ما اسمك؟
- تستطيع ان تناديني بأي اسم فأسمي في الكشف ليس بأسمي.
- و لكن لماذا؟ لماذا لا تريد ان تعرفني بنفسك؟
- لانك اديت مهمتك في تفريغ ما بداخلي.. لقد اردت ان اقول ما قلت و لم اجد من يستمع الي فجئت الى هنا و ليس هناك داعي لكي تعرفني فهذا لن يفيدك في شئ لانك لن تراني مرة اخرى.
- و لكني رايتك هذه المرة بالفعل؟
- رأيتني اول ما دخلت بعقلك و ليس بقلبك ثم قللنا الضاءة و لم تهتم ان تراني طوال الوقت حتي اردت لمجرد الفضول. انت لم تفهم كلامي جيدا, عندما ترى انسان بعقلك قد تنسى ملامحة بعد لحظات و لكن اذا رأيتة بقلبك انحفرت ملامحة في قلبك قبل ذاكرتك و لم تنسة ابدا, اما انا فلا اهمك في شئ فلا تحاول معرفتي و الا افسدت علي سعادتي. الوداع.
- الطبيب: ألن اراك ثانية؟
- المريض: قد تراني و انت لا تراني...
و يذهب بغير رجعة........

سنة 2002




















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق